تبدأ الحرية حين ينتهي الجهل – مقال بقلم ندى شريف

تبدأ الحرية حين ينتهي الجهل – مقال بقلم ندى شريف

تُعرّف الحرّيّة على أنّها قدرةُ الفردِ على اتّخاذِ القرارِ وتحديدِ خيارٍ معيّن من بينِ مجموعة خياراتٍ مُتاحة دون أي شكلٍ من أشكال الإجبار، كما أنها تعني إطلاق العنان لطاقات الإنسان وإنتاجيّتهِ في مختلف المجالات دون أي نوع من القيود الماديّة أو المعنويّة.
يقولُ فيكتور هوجو: «تبدأُ الحرّيّة حين ينتهي الجهل، لأنّ منحَ الحرّيةِ لجاهلٍ، كمنحِ السّلاحِ لمجنون».
فالإنسان وُلدَ ليكونَ حُرّاً وقد تميّزَ عن غيره من المخلوقات بالعقل والإدراك، وبالعقل يستطيع أن يختار لا سيّما بعد أن يصبح بالغاً عاقلاً. فلا يشعر الإنسان بغيابه عن الفعل والتّأثير إذا سلّمَ عقلَه لمسلّماتٍ لا ترتقي لمستوى الوعي والإدراك.
لا أحدَ يُحبّ قيوده ولو كانت من ذهب، الحرّيّة أثمن ما في الوجود، تنتهي حرّيتك حين تبدأ حرّيّة الآخرين، الحرّيّة هي الحياة ولكن لا حرّيّة بلا فضيلة….
إن حركة الحرّيّة هي حركة نشِطة فيها سعيٌ وجهد، فالطّريق إليها صعب، وحتّى يصلَ الإنسانُ إلى حرّيته عليه أن يسعى ويجتهد ويكتسب التّجارب. فالجهل من أهمّ الأمور الّتي تُفقدُ الإنسانَ حرّيته وبالتّالي المعرفة هي الّتي تجعله حُرّاً وترشدُه ببصيرة واضحة يفهم من خلالها معنى الحرّية الحقيقيّة الّتي هي بدورها تمنحه الحقّ الطّبيعي لممارسة حياته الطّبيعية.
كتب بعض النّاشطين أنّ”الحرية مع الجهل تساوي الفوضى”. وعلّق آخر أنّ”الحلّ موجود بتعليمٍ راقٍ ومستنير منذ الصّغر، فالأمل في الأجيال القادمة”.وقال آخر “المهمُ إيجادُ تناغمِ المعرفة بالحرّية لتصبح مسؤولة”.وأكد أحدهم أن ” حماس البعض للمطالبة بالحرية يجب أن تقابله جهود للمزج بين المعرفة والوعي”.
وأما عند ديكارت (Descarte) “فالحرية الحقيقية ليست قدرة التّرددِ بين اختيار شيء ونقيضه بل هي الإرادة التي استعانت بالمعرفة واختارت الحق أي إنّها الإرادة التي تتحكم فيها البواعث والحوافز الخيّرة، ومن هنا فإنّ المعرفة الطبيعية والنعمة الإلهية تزيدان الحرية ولا تنقصانها، تقويّانها ولا تضعفانها.. كلما ازدادت معرفتي للحقّ والخير كلما ازدادت حريتي..
فالحرية مطلب يتوق إليه العالِمُ والجاهل، لكنّ العالم أو المتعلم يدرك أهميتها وتأثيرها في الحياة اقدر من غيره لأن المعرفة، وبخاصة المعرفة الخادمة للإنسان، توفّر وعياً للإنسان يستطيع به إدراك الحياة والتمييز بين الحق والباطل، وبين الحرية والاستبداد، وعلى كل حال، فإنّ حجم الإدراك ومسؤولية تحمل تبعات هذا الإدراك بعد تفعيله يعتمد على نوع المعرفة المتحصّلة.
بالعلم والمعرفة يستطيع الإنسان أن يكون حرّاً وأن يتحرّر من الأوهام، والأفكار السّلبية، والعبوديّة للآخر ، على عكس الجهل الّذي يجعل منه كائناً تابعاً للآخرين، غير قادر على امتلاك إرادته، أو على الأقل التّحرّر من الأوهام الّتي تسيطر عليه.
وأخيرا، لعله من المهمّ التّغيير في منهجيّة التّربية سواء أكانت في الأسرة أو في المجتمع، إذ من الضروريّ أن يتعلّم الصّغار معنى الحرّية وكيفية استخدام عقولهم دون أن يكون هنالك قيود.