إعلامنا “مُسيَّس”معروفٌ عن لبنانَ بأنّهُ بلدٌ يحترمُ الحريّاتِ الإعلاميّةَ ويتبنّاها، لكن ما وصلْنا إليه اليومَ لا يُعدُّ حريّة، بل تخطٍّ للحدود.
الإعلامُ هو مرآةُ المجتمع، هو نظرةُ الشّعوب الأخرى له، فكيف إذا كان فاسدًا مليئًا بالكذب والتّهويل؟ واقعُ الإعلامِ المرير اليومَ يتلخّصُ فيما يلي: “وجود جهاتٍ معيّنة تتدخّلُ في تشويهِ صورة الجهةِ المنافسة لها بهدف التّخريب، وتتحكّمُ بكيفيّةِ نقلِ الوقائع للجّمهور بإيديولوجيّةٍ تامّة”.
باتَ الخبرُ يصل متفرِّعًا للنّاس، كلُّ جهةٍ تنقلُه كما تحبُّ أن تسمعه أو تراه، وبالطّريقة التي تأملُ أن يصدِّقَها الجمهور، بما يتناسبُ مع الإيديولوجية التي تحكمها. مهما كان الخبرُ مريرًا، يجبُ على الجهاتً الإعلامية إستغلالَ الموقفِ وتحويله إلى أداةِ تحريضٍ وخلق مشاكلَ وحروب بين أهل البلدُ الواحد. مثالًا على ذلك، في إنفجار الرّابع من آب الّذي وقع في بيروت في العام 2020، عمّت السّاحة الإعلاميّةُ بالإتهامات الباطلة المليئة بالكلام غير المنطقيّ الّذي يهدف إلى خلق توتّر وإلى توريط جهات مستهدفة مهما كانت حينها، انتشرت العديد من الأخبار الكاذبة والإشاعاتً العارية من الصحّة حول الإنفجارِ وأسبابِه والمسبّب، كلّ إذاعة تلفزيونية باتت تلومُ منافسَها السياسيّ بطريقةٌ غير مباشرة وكأنّهم يستغلّون أوجاعَ النّاسِ للتّخلّص من بعضهم البعض.
لا شكّ بأنّ أسباب ذلك تعود إلى الإختلاف السياسيّ الكبير بين شعب لبنان، فكلُّ طرفٍ يقوم بنشر ما يتماشى مع مصلحته ومع ما يخدم أهدافه السياسيّة. أمّا بالنسبة لطريقة نقلِ الخبر، كلّ وسيلة إعلاميّة تقوم بنقله بالطريقة التي تحلو لها مع ما يخدم أهواءَها والجهة التي تتبعها، فقد نجدُ نفس الخبر الّذي حصل في حدث معيّن، يُنقل بطريقة مغايرة من محطّة إلى أخرى، كما نجد حواراً بين سياسيّين اثنين، وسيلة من هذه الوسائل ستنقُل أنّ من تؤيّده على حق ولا نقاش في ذلك، والوسيلة المنافسة ستنقل أنّ السّياسيَ الآخر على حقّ، بعيدًا عن الموضوعيّة، عدا عن التّهويل والمبالغة في نقل الخبر.
نجد أيضًا أنّ خبرًا واحدًا يُنقل إلى أعين الجمهور وآذانه بلغة مختلفة “مع عدم التّحريف” أيّ أنّ الكلامَ يُنقلُ كما قيل “حفاظًا على المصداقيّة” ولكن بطريقة ما تجعل متلقّي الخبر يقرأ ما يحلو له.
واقعُنا الإعلاميّ مؤسف جدًا، لا يعكس صورة بلادنا الجميلة التي تتدمّر شيئًا فشيئا على أيدي الفاسدين المخرّبين. للأسف، إعلامنا “مُسيَّس” يفتقر إلى الموضوعيّة.