لبنان مقبرة الأحلام..مقال بقلم زينات دهيني

لبنان مقبرة الأحلام..مقال بقلم زينات دهيني


قيلَ قديماً:”مَنْ طَلبَ العُلا سَهِرَ اللّيالي” ، و ها هُم طُلّابُ بلادي يسهرون  ليالٍ ظَلماءَ حالكة.ها هم يطلبون العلا كلّ ليلة، يطلبونَهُ أملاً بطائرةٍ تنقلهم فوق أزمات بلادهم. هنا حيث لا كهرباء، و لا إنترنت، و حيث أصبحَ ليترُ المازوت أغلى من دماءِ أبناء هذا البلد. هنا حيث أصبحَ نورُ العِلمِ مرهوناً بشمعةٍ تذوبُ مع أحلامِ طلّابِنا و آبائِنا، في بلدِ الأبجديةِ المفقودةِ خلف الأزمات.


فما هي المعاناة الّتي يعيشُها  الشّعبُ اللّبنانيّ اليوم؟ و كيف تنعكسُ أزماتِ البلادِ على حياةِ المواطنِ اللُّبنانّي بشكلٍ عامٍّ و على طلّابِ الجامعاتِ بشكلٍ خاصّ؟


قد وصلْنا القرن الواحد والعشرين  والأزماتُ  تتفاقمُ في بلدٍ أصبحْنا نعاني فيه لنحصلَ  على أبسط حقوقِنا ومتطلِّباتنا. نعاني اليوم   من أزمة الكهرباءِ بسبب الأزمة الاقتصاديّة الّتي شهدها لبنان في الأونة  الأخيرة. وهذا ما وصفَهُ الأهالي والطّلاب والشّعبُ اللّبنانيّ ككلّ بأسوءِ أيامٍ شهدَها التاريخ، أزمة الكهرباء اليوم أودت بحياةِ أشخاص فارقونا بسبب أمراضٍ مزمنةٍ قد تحتاح إلى آلات الأوكسجين وغيرها، فلبنانُ كادَ أن يغرقَ في العتمةِ الشّاملة في فتراته الأخيرة ،  كما شهد الطّلابُ أزماتٍ كبيرًة أيضا حركتهم من متابعةِ دراستهم فكان البديلُ في للتّعويضِ هو الاشتراك الّذي كان من الممكنِ أن يحلّ بدلاََ من الكهرباء، ولكن زادت الأزمات أكثر من قبل والأهالي لم يعد بإمكانهم دفع فاتورة الاشتراك الّتي وصلت لمبالغَ كبيرة ، فحياةُ النّاس أصبحت   تُعدّ على الأمبير، وفي إطار هذه الأزمة، قام بعضُ الأهالي بشراءِ مولّدٍ كي بستطيعَ تخفيف عبء فاتورة الاشتراك وهنا فُقدت مادّة المازوت الّتي كانت الأملَ البسيط المتبقّي ومع هذه الأزمات ورغم التّحديات والصّعوبات  من ارتفاع فاتورة الانترنت رغم انقطاع الكهرباء.


وفي إطار هذه الأزمة وبسبب ارتفاع الدّولار وفقد قيمة  العملة اللّبنانية مقابل العملة الأجنبية أصبح الحدُّ الأدنى لأجر ِ المواطنِ اللّبنانيّ ثلاثين دولار اميريكياً على سعر صرف العملة اللبنانيةأي ٦٠٠ ألف ل. ل. في وقت ترتفع فيه فاتورة الاشتراك لتصل إلى ٥٠٠ ألف إضافة إلى فاتورة المياة   ل ٩٠٠ ألف ليرة والغاز ما يقارب ٢١٥ ألف ليرة لبنانية  ولا ننسى أيضا الزّيادات على الأقساطِ المدرسيّة  والأقساط الجامعية التي تختلف سنويّاََ وتبلغ ما يقارب ٦ و ٧ مليون سنوياَ.  وهذا ما دفعَ بعض الطلاب للتّخلّي عن العلم، و هذا ما يهدّد مجتمع بأسره ويمحوها. فاليوم أصبحَ المواطنُ اللّبنانيّ يعملُ من أجل دفعِ هذه الفواتير   وأيضا لدفع أُجرة  السّيرفيس الّتي طالتها الأزمة أيضا. وفي سياق هذه الأزمات أصبح الشّعب اللبناني والمواطن يدفع فواتيره مرّتين  فالعمل في وظيفة واحدة لم يعد يكفي  وهذا ما دفعَ المواطنين للعمل بمختلف المجالات كي يحصلوا على ما يكفيهم لتلبية  حاجاتهم البسيطة الّتي باتوا عاجزين عن تأمينها وبات معظمهم مهدّد بشبح الفقر.


ختامًا ، بين شبح العتمة الّذي يلاحق اللّبنانيين، و شباب يبحث في الكتب عن مستقبل مشرق و أحلام يحقّقها. و من باحث عن لقمة عيش لأبنائه في زمن الدّولار، إلى باحثٍ عن العلم على شمعة الأمل.  ونتيجة كلّ هذا العحز الّذي يعيشه اللبنانيّون ومع زيادة المصاريف  وفقدان الأموال للبعض. كلّ هذا سيؤدي حتماً إلى ارتفاع معدّل الإنحراف في  المجتمع وتفشّي العادات السّيّئة، وكثرة السّرقات، والجرائم، وحدّة الخلافات عائلية بسبب الحاجات  الأساسية ، فهل يكون لبنان قد شرّع أبوابه أمام الجريمة وهل ذهبت  أحلام الّلبنانيّين إلى حيث اللا عودة؟