ارتفاعُ سِعرِ صرفِ الدّولار.. يرافقُهُ غَلاءٌ وشحٍِّ في الأدوية ، ارتفاعٌ هائلٌ في لاسعارِ الموادّ الغذائيّةِ و مستلزماتِ الحياةِ اليوميّة، فسعرُ صفيحةِ الغاز تخطّى ال٣٠٠ ألف ليرة ، المواصلاتُ أصبحت عبئًا أساسيّاً، فإذا أردتَ التّنقُّلَ ضمنَ محيطِ منطقتك ، لن تدفعَ أقلَّ من ٢٠ ألف ! فأجرةُ الفان للرّاكب الواحد تتراوحُ بين ال١٠ و ال٢٠ ألف ليرة و التّاكسي ٢٥-٣٠ الف .. كلُّ تلك الأمور جزءٌ بسيطٌ من معاناةِ اللّبنانيّين اليوميّة الّتي تُعدُّ من أبسطِ حقوقهم ، المواطنُ الّذي بات يعملُ من “الفجرِ إلى النّجر” بالحدّ الأدنى للأجور .
فكيف لربِّ أسرةٍ، أجرته لا تتجاوزُ ال ٥٠ ألفاً في اليوم ،أن يؤمّن قوت يومه و يكفي منزله؟
هل سيستطيع تسديدَ أقساط مدرسةِ أولاده ، إيجار منزله،اشتراك كهرباء و انترنت و مياه.. أكل وشرب و لباس !!
كلُّ تلك الأمور الّتي لا يمكن الاستغناءُ عنها ،بات المواطنُ عاجزاً عن تأمينها إلّا إذا دفن نفسه على قيد الحياة وعمل في وظيفتين علّه يكفي منزله .
جزءٌ من لمحة أقلّ من بسيطة ، عن حياة من هم دون خطّ الفقر ، بل أصبح ذلك واقعُ نصفِ اللّبنانيّين ، بات المواطنُ يصارعُ يوميّاً للنّجاة في وطن سلبهُ حاضره و مستقبله ..حيث أصبحت الحياة الكريمةُ حلمًا صعب المنال !
مع تراكمِ كلّ تلك العوام.و تفاقمها يوماً تلو الآخر ، لن يبقى أثر للفقر أو الفقير .. كيف؟
تدريجيّاً .. سنرى تلك الطّبقةُ تنكمش و تتلاشى ،لكن ليس بحلّ تلك المعضلة “الفقر” بل بتدمير من ينتمون اليها.
أشخاص اختاروا الهجرة وآخرون توجّهوا للعمل بطرق غير مشروعة، و منهم من واجه الصّبر بغية النّجاة و الأصعب من قرّر إنهاء حياته ، ضحايا دولة فاسدة ، أفقرت شعبها و سلبته الرّاحة .
واقعٌ مرير.. يمرّ به شعبٌ لطالما تغنّى بحبّ الحياة ، مشهدٌ بِتنا نتصوّره كلّ يوم، أب عجز عن علاج ابنته فماتت بين يديه، و شابٌّ لم يستطع تأمين مستقبله فانتحر، و رجل لم يستطع إطعام أطفاله فحرق نفسه.
إذا .. وداعاً للفقير !