لطالما سمعنا عن “زواجِ القاصراتِ” حيثُ تعدّدَتْ الأقاويلُ و الأحاديثُ حولَ هذا الموضوعِ و لكنْ ما هو؟ و ما هي أسبابُهُ؟ و ما هي اضرارُهُ؟و ما رأيُ الدينِ بهِ؟
زواجُ القاصراتِ هو تزويجُ فتاةٍ او شابٍّ دونَ بلوغِ السِّنِّ القانونيِّ، بشخصٍ بالغٍ.
سنُّ زواجِ القاصراتِ يختلفُ من بلدٍ إلى آخرَ، ففي الشرقِ الأوسطِ و شمالِ أفريقيا يكونُ ثلاثةَ عشرَ عاماً، بينَما في ليبيا فيكونُ عشرينَ عاماً، اما السعودية، لبنان، و السودان لم يحدد سنٌ قانونيٌّ للزواجِ.
يعتبرُ الفقرُ من ابرزِ اسبابِ هذا الزواجِ، ففي بعضِ العائلاتِ الفقيرةِ، يلجؤون احيانا إلى تزويجِ أبنائهِمُ لتخفيفِ صرفِ الأموالِ عليهم، أو بإعتبارِهُم أنَّ الفتاةَ هي أساسٌ للعارِ و عليهم التخلُّصُ منها بأيِّ شكلٍ! و أحيانا يكونُ تجارةً، كوالدٍ فقيرٍ يبيعُ ابنتَهُ لرجلٍ بالغٍ بغرضِ الحصولِ على المالِ او لانَهُ متورِّطٌ معَهُ بشيءٍ ما.
إنَّ عدمَ الاستقرارِ لدى بعضِ العائلاتِ بسببِ هذا الزواجِ حيثُ أنَّ عدمَ استقرارِ التداعياتِ الإقتصاديَّةِ و الصحيَّةِ تكونُ دافعًا اساسيًّا له.
” امرأةٌ بجسدِ طفلةٍ” هكذا قالَتْ إحداهُنَّ حينَ سُإلَتْ عن شعورِها!
تخيَّلْ فتاةً صغيرةً لمْ تتجاوزِ الثّامنةَ منَ العمرِ، تلبسُ فستانَ زفافٍ و يتمُّ تنصيبها بال”عروسِ”، و هي لا تدركُ حتّى معنى هذه الكلمةِ، يتمُّ تزويجُها برجلٍ بالغٍ و من ثمَّ يأخذُها معَهُ إلى القفصِ الذهبيِّ او لربّما الى التّعذيبِ الاستفزازيِّ، محاولاً اغتصابَ طفلةٍ بمفهومِ ال”حلال”! خوفٌ، و رعبٌ بغرفةٍ معتمةٍ، لا مخرجَ منها سوى بابٍ مقفلٍ!
ففي اغلبِ الأوقاتِ يتمُّ الحملُ، و بعد تسعةِ أشهرٍ يصبحُ لدينا طفلتان بحاجةٍ إلى الرّعايةِ، و لربما تموتُ واحدةٌ منهنَّ لصغرِ سنِّها.
و لكن ماذا اذا نظرنا من ناحيةِ انتهاكِ حقوقِ الطفلِ؟ حقُّ الطفلِ بالتّعلُّمِ مثلاً إنّ تزويجَ القاصراتِ يمنعُ عددًا كبيراً منهم من التعليمِ ممّا يؤدّي إلى تدنّي المستوى الفكريِّ و الثقافيِّ في مجتمعنا العربيِّ. و من ناحيةٍ أخرى مما قدْ يسبِّبُهُ من اضرارٍ نفسيّةٍ لديهِم…
و لكنْ ما رأيُ الدّينِ؟
هناكَ بعضُ الاديانِ تحرِّمُ زواجَ القاصراتِ و ذلكَ ينصُّ أيضًا على حسبِ مرجعيّةِ القانونِ الذي تنصّهُ الدولةُ بالعمرِ الّذي يعتبرُ فيه الشّخصُ قاصراً.
يحظى زواجُ القاصراتِ أيضاً بشرعية من الحاجة المتصورة، المبنيّةِ على الفهمِ الدينيِّ، إلى اتخاذِ إجراءاتٍ وقائيّةٍ لـحمايةِ الفتياتِ من العنوسةِ. ومع عودةِ الإسلامِ المحافِظِ بقوّةٍ بعدَ ظهورِ “الربيعِ العربيِّ” في عامِ ألفانِ وأحدَ عشرَ، صدرَ العديدُ منَ الفتاوى
في المنطقةِ بشأنِ فوائدِ تزويجِ الفتياتِ الصغيراتِ.
وتشيرُ المناقشاتُ في منصّاتِ التواصلِ الاجتماعيِّ إلى الخوفِ منَ الفتياتِ المتعلّماتِ المتحلّياتِ بصفاتِ الغربِ وتفضيلِ الفتياتِ قليلاتِ الخبرةِ الأصغرَ سناً.
وخلالَ هذه النقاشاتِ المحتدمةِ في كثيرٍ من الأحيانِ، تُقدّمُ تبريراتٍ دينيّةٍ مثلَ زواجِ النبيِّ محمدٍ من زوجتِه الأخيرةِ عائشةَ وهي في سنِّ التاسعةِ.
وعلى نحوٍ متناقضٍ، ورغمَ خطرِ المشكلاتِ الاجتماعيَّةِ الّتي تواجهُها العائلاتُ الفقيرةُ، فإنّ القيمةَ الاجتماعيّةَ لمفهومِ الشّرفِ قويةٌ بشكلٍ خاصٍّ في أوساطِ الفقراءِ بمنطقةِ الشرقِ الأوسطِ وشمالِ إفريقيا، إذْ يمكنُ تبريرُ زواجِ القاصراتِ على أنّه “يحمي شرفَ العائلةِ” كما هو
الحالُ في الأردنِ على سبيلِ المثالِ.
و في النهايةِ إنَّ موضوعَ تزويجِ القاصراتِ لازال موجوداً رغمَ التطوُّرِ الّذي وصلنا اليهِ و لكنْ متى سينتهي هذا النوعُ منَ الزّواجِ؟