قلبٌ مهجورٌ ..
اعداد احمد قانصو
تدقيق لغوي:هادي نصار-مريانا نورا
لَمْ يعُدِ المنزِلُ هوَ المكانُ الوحيدُ الّذي يُهجرُ ،
لا…
هناكَ أماكنٌ عديدةٌ أصبحتْ كالمنزلِ تُهجرُ و كأنّها مجرّدُ أمرٍ عاديٍّ أو حتّى كأنّ شيئًا لم يكُن للأسف!
أُطفِئت أنوارُ الشّوارعِ ، و أُطفئَ قَلبيَ فِي داخِلهِ شمعةً يأبَى أنْ يُضيءَ سِواها ،كلماتٌ ألفِظُها وكأنّي ألفِظُ أنفاسَ روحيَ في الحُبِّ الأخيرةَ .
أهواكَ، أهواكْ و لكن …
لم تعُدِ الورودُ تُغرينِي، ولا حتّى الكَلامُ يؤثِّر، أصبحتُ كائِنًا حيًّا دونَ أحاسيسٍ وبكلِّ أسفٍ أقولُ أنتَ السَّبب.
إكتئَبَ قلبيَ الصّغيرُ الّذي بُنيَ لتكونَ أنتَ ساكِنَهُ الوحيدَ،
وبقيَ الدّمعُ أسيرًا فيهِ ولم أعُد قادِرًا على تَحريرهِ، حاصرهُ الألمُ والدّمعُ ، والخَيبةُ الّتي لا أتمنّاها لأحدٍ لأنّها أصعبُ أمراضِ الحياةِ.
هَجرتَ قلبِي، و أصبحَ مكانُك خالي مِن الجميعِ ،لَم يعُد في ذلكَ المنزلِ سِوى ذِكرياتِ الزَّمِنِ الجَميلِ الّتي لَن تُمحيها الأيامُ، لأنّها حُفِرت فِي زواياهُ ورسمَها الحبُّ بأجملِ ريشَةٍ، حمراءَ اللّونِ ، تنبِضُ بكِ و بالحبّ.
أصبحتُ غَريبًا…
غريبًا عِن قلبِي وعن روحيَ وعن مشاعِريَ الجميلةِ، رَمتنِي الأيامُ فِي زَواياها المُعتِمة، الظّلمةُ فِيها مُخيفَةٌ، وكأنّني تائِهٌ فِي غابَةٍ لا أملِكُ خريطَتَها لأعودَ إلى مكانيَ الآمِن.
أبكيتَ روحيَ الّتي إعتَدتُ عليها كالحَجرِ لا تَبكي، و لا تدمَعُ عَيناهَا…
نَعَم، إنّكَ سبَبُ انهمارِ دموعِ قَلبِي، كشلّالٍ أو بَحرٍ لا نهايةَ لهما،
نعَم أنتَ السّبَب…
مَحتِ الأيامُ جمالَ روحِي بسبَبِ خيباتٍ مُتكرّرَةٍ، لم أكُن جاهِزاً لأتلقّاها، قتَلتَني، و تسبّبتَ بِنزيفِ قَلبي، فماتَت براءَةُ روحِيَ بسبَبِك، نعم ماتت!
لَن أطيلَ الحديثَ عليكَ، كُنتُ مقتنِعًا أنَّ قلبيَ محفوظٌ لشخصٍ يهتمُ بِه، ولكِن مِن بعدكَ لا أريدُ أحد…
جميعُكم كاذِبون، لن تَحفظوهُ في مكانٍ آمنٍ بعيدًا عَن أسى الحبِّ والخيبات، لَم ولَن يكونَ العِتابُ في الحبِّ يومًا أمراً عاديًّا، لا بَل هُو أمرٌ مقدسٌ لِمن يُحبّ.
ندائِيَ الأخيرُ لَك، أرجوكَ أن تُسامِح روحِي و نَفسِي اللّتانِ وثِقتا بِك وسلّمتاكَ قَلبيَ لتحميهِ، ولكِنّ للأسفِ، محيتَهُ بممحاةِ الشكِّ وقلّةِ الثِّقة…
أغلِق بابَ قَلبيَ خلفَك و اقفِلهُ، ثمَّ القِ بالمفتاحِ في بِئرٍ لا يمكنُ لأحدٍ الوصولَ اليهِ.
والآن، أنهيتُ روايَتي و طَريقِي في الحُبِّ بغصّةٍ و أسى، آسفًا على ارتواءِ قَلمِي مِن حِبرِ الأسى،
انهيتُ سهراتِنا الجميلةَ، لأستقبلَ لياليَ الصّيفِ الجَديدةَ بحزنٍ شديدٍ و بوحدةٍ موحشةٍ، سأكتُب اسمكَ على رملِ الطّريقِ وسأحمِيهَا مِن مياهِ الشّتاءِ، “و رح تبقى على بالي!”
وداعًا يا أيُّها القَلبُ المَهجورُ التّائِه…
وداعًا….