طفلٌ يتيمُ الحياةِ، بأبوَينِ على قيدِ الموتِ!
قيلَ مرةً:” الأطفالُ اللّقيطونَ ليسوا أولادَ عاهرةٍ، لأنّ العاهرةَ تعلمُ أنّها عاهرةٌ، لذلكَ لا تُنجِبُ طِفلاً، بل هُم أولادُ امرأةٍ أحبَّت ووثِقتْ برجُلٍ فخذَلها!”
موضوعُنا اليومَ يتضمنُ شقّين :
أولاً: الخِذلانُ
ثانياً: أحوالُ الأطفالِ اللّقيطينَ في مُجتمعِنا.
العديدُ منَ النّساءِ لا يخترنَ طريقَ الهوَى عبثاً، رُغم عدمِ وجودِ مبرِّرٍ واضحٍ لإقامةِ علاقاتٍ غيرِ شرعيَّة، إلّا أنَّ العديدَ منهُنَ مجبراتٍ على القيامِ بذلكَ، مع العِلمِ أنَّ العديدَ مِنَ النِّساءِ المُتزوّجاتِ يتعرَّضنَ لإقامةِ علاقةٍ دونَ رغبتهِنَّ بِها، فهنّ أيضاً مُجبراتٌ على شيءٍ لا يريدونَه، فالنّساءُ اللّواتي يلجأنَ لهذا الفِعلِ إمّا عن قناعةٍ، وإمّا مُرغمات، لا يقُمنَ بالحملِ مِن أيِّ رجلٍ كي لا يتورطنَّ بطفلٍ غير شرعيّ…
من ناحيةٍ ثانيةٍ، هناكَ بعضُ النّساءِ اللّواتي يثقنَ برجلٍ و يُقمنَ معهُ علاقةً لمجردِ انّهنّ وقعنَ في حبِّهِ، فينتُجُ عن ذلكَ طِفلٌ لا أحدَ يعلمُ مصيرَهُ ( مع العلمِ، ليسَ الجميعُ من الرِّجال هكذا، هناكَ العديدُ منهُم لا يتركنَ هؤلاءِ النِّساء، نحنُ اليومَ نتكلَّمُ عنِ الرّجالِ السيئينَ في هكذا مُجتمع).
تثِقُ هذهِ المرأةُ اذاً برجلٍ لدرجةِ إنتاجٍ طِفلٍ، ثمَّ يترُكها و يرحلُ بعدَ معرفتهِ به، وبعدَ تسعةِ أشهرٍ تُنجبُ صغيراً لا يفقَهُ مِنَ الحياةِ شيئاً بَعد، يحملُ لقبَ “إبن حرام” قبلَ تسميتِهِ بإسمهِ حتَّى، فتضعُفُ هذه الُأنثى أكثرَ و أكثر ، لدرجةِ أنّها تتركُهُ في مكانٍ ما وترحل، أمامَ جامعٍ، أو لرُبّما ميتمٍ وغيرِه…
ما أصعبَ الخِذلان، خِذلانُ رجلٍ لامرأةِ، و خذلانُ المرأةِ لابنِها! فَفي هذهِ الحالةِ، لقد فعَلتْ مثلَهُ تماماً، تركَتْ طِفلَها مِثلما تُركَت! فما ذنبُ الطِّفل اذاً؟!
طفلٌ يتيمُ الحياةِ، بأبوينِ على قيدِ الموتِ! مصيرُهُ الغيرُ معروفٍ بعد، والتَّنمُّر اليوميُّ، وبيتُهُ الشارِعيُّ، أصبحوا ملجأَهُ… رُبَّما مِنهُم من يعيشُ حياةً أفضَلَ وربَّما أَسوأ، و لكن عبارةَ ” لقيطٍ” تُلاحقُه حتّى بعدَ الموتِ.
ما ذنبُ طفلٍ وليدُ لحظةِ حبٍّ؟ لحظةُ ثقةٍ؟ ما ذنبُ طفلٍ بِذنبِ بالغينَ؟ ما ذنبُهُ اذا كانَ خطأً في مجتمعٍ لا يعرفُ الصّواب؟؟!
ونتيجةً للحرمانِ منَ الجوِّ الأسريِّ الطّبيعيِّ والسّويّ، يُعاني “اللُّقطاءُ” من مُشكلاتٍ صحيَّةٍ ونفسيَّةٍ واجتماعيَّةٍ وتربويَّةٍ كثيرةٍ ، من أبرزها:
1 – الشُّعورُ المُستمرُّ بالحرمانِ العاطفيّ.
2 – الشُّعورُ بالدونيَّةِ وانخفاضِ مفهومِ الذّات.
3 – ارتفاعُ درجةِ الشّعورِ بالقلقِ والاكتِئاب.
4 – زيادةُ الشُّعورِ بالوحدةِ النَّفسيَّة.
5 – إرتفاعُ درجةِ المخاوِفِ المرضيَّةِ.
6 – عدمُ الحفاظِ على المُمتلكاتِ الخاصَّةِ وتحطيمُها.
7 – عدمُ الحفاظِ على المُمتلكاتِ العامَّةِ، وتخريبُها باستمرار.
8 – إنعدامُ الثَّباتِ الانفعاليِّ، وتقلُّبُ الحالةِ المزاجيَّةِ باستمرار.
9 – إنعدامُ الثِّقة بالنّفسِ.
10- عدمُ الشُّعورِ بالأمنِ والطُّمأنينَة.
11- إنخفاضُ وتدنّي مُستوى التَّحصيلِ الدِّراسيّ.
12 – إرتفاعُ معدّلاتِ الكذِبِ و السَّرِقةِ و العُدوانيَّةِ، والعُنف.
13- عدمُ الشُّعور بالانتِماء.
14 -ارتفاعُ درجةِ التّشاؤمِ والخوفِ مِن المُستقبل.
15- فِقدانُ الأملِ بالجميعِ
ما رأيُ الدِّينِ بِهذا و بِتبنِّي هذا الطِّفل؟
أمّا مِن النّاحيةِ الشَّرعيّة، فالبَعضُ قد حُرمَ التَّبنِّي، بالمُقابلِ أعطى الحَقَّ للطِّفلِ اللَّقيطِ بالحصولِ على المساعدةِ و الحقَّ في تبنّيهِ، والبعضُ الآخرُ قد حرَّم الإثنيْن.
على مُجتمعِنا توخّي الحَذرِ أولاً مِن العلاقاتِ الغيرِ شرعيَّة المُنتِجةِ لأطفالٍ لا ذنبَ لهُم، ومن ثُمَّ، تقديمُ المساعدةِ قدرَ المُستطاع لهؤلاءِ الأطفالِ نفسياً وجسدياً و إبعادُهُم عن أيِّ مصدرٍ للتّنمُّر و المُضايقة، لأنَّهم لَيسوا سِوى وَليديْ لحظةِ حُبٍ بينَ امرأةٍ و رَجُل.
