حديثُكَ الدّاخليُّ، ✍️مقال بقلم زينب محسن

حديثُكَ الدّاخليُّ، ✍️مقال بقلم زينب محسن

ها هو المنبّهُ يوقظُني باكراً. أيقظني منْ نومي الذي لم أنعمْ بهِ بالهدوءِ و الرّاحةِ نظراً لتفكيريَ المستمرِّ بمقابلةِ الغدِ . نظرتُ إلى المرآةِ فرأيتُ شخصاً قلقَ الوجهِ و اصفرَ اللّونِ. لقد كانَ لي سبباً رئيسيّاً لهذا القلقِ فبالغدِ سأُجري مقابلةً إعلاميّةً على إحدى أهمّ الشّبكاتِ الإعلاميّةِ. أخذتُ أحدّقُ في المرآةِ فيا لشرودِ ذهنكَ و أنت تحدّقُ في شيءٍ صغيرٍ! كنتُ أتحدّثُ الى نفسي في صمتٍ : اهدئي ، سوفَ أنجحُ، إنّني أستطيعُ إجراءَ هذه المقابلةِ فسمعتُ صوتاً وصلَ إلى أعماقي “ستنجح” ، هذا مثالٌ واضحٌ على افكارٍ تنتابني كلَّ يومٍ فتجعلني أخاطبُ نفسي بها.

من هنا فيصحُّ تسميةُ هذه الظّاهرةِ بالحديثِ الدّاخليِّ إنّه التّحدّثُ النفسيُّ الذي يطلعُكَ على أسرارِ دماغكَ و يتيحُ لك فرصةَ التعرّفِ على آليّاتِ العملِ الخفيَّةِ للعقلِ،فحياتنا ما هي الاّ مجموعةُ أفكارٍ، مشاعرٍ، تخيّلاتٍ، شرودٍ، تجولُ في خاطرِكَ أثناءَ دراستكَ، أثناءَ طبخكَ، فرحكَ، حزنكَ، او انتظاركَ لبدءِ مقابلةٍ مهمّةٍ.

تحدّثْ إلى نفسكَ لتساعدَكَ على التخطيطِ، على تنظيمِ مشاعرِكَ فإنَّ أصواتَ الحديثِ الدّاخليِّ لديها الكثيرُ من الأشياءِ لتخبرنا بها!

قوّةُ التحدّثِ الإيجابيِّ إلى النّفسِ موثّقةٌ علميّاً، لأنّ التحدّثَ إلى الذّاتِ في صيغةِ الشّخصِ الثّالثِ (أي اسمك) أو هو، بدلاً من ضميرِ الشّخصِ الأوّلِ (أي.. أنا)؛ يمكنُ أن يساعدَكَ في إدارةِ عواطفِكَ الصّعبةِ وبشكلٍ أكثرَ فعاليّة ،فالطريقةُ التي تتحدّثُ بها مع نفسِكَ يمكنُ أن تُحْدِثَ فرقاً هائلاً في نوعيّةِ حياتك، وإذا كنتَ تلومُ نفسَكَ دائماً على الطّريقةِ التي تتعاملُ بها مع الأشياءِ أو الأشخاصِ؛ ستشعرُ بأنّكَ لا تستحقُّ الكثيرَ، ومن الصّعبِ عليكَ الاستمتاعُ بالحياةِ، لكنَّ الخبرَ السّارَّ هو أنّهُ يمكنُكَ تحويلُ الحديثِ السّلبيِّ عن نفسِكَ إلى حديثٍ إيجابيٍّ… أتمنّى أن تبدأ الآن!