قالَ أحدُهُم: زوجتي الغالية تكرهُ الحشراتِ والحيواناتِ بِأكملِها!وَكَمْ مِنْ مرّةٍ ارتفعَت صرخاتُها مدوِّيةً في أرجاءِ الحيِّ كُلّه لِرُؤيتِها صرصاراً! أو لأنّ قطّةَ جارِنا اقتحمَت منزِلَنا!! كنتُ كُلّما تشاجرْنا وخاصمَتْني🖤 أجدُ منَ الصّراصير أو قطّةِ الجيران الّتي استعيرُها من ابنهم المشاغبِ حجّةً لِتركضَ إلى أحضاني… وكان الأمرُ ينجحُ في كلّ مرّة هههه.. ترَجَّتني كثيراً بأن أؤَجّلَ سفري لأنّ الحملَ يُتعِبُها.. ولأنّها تشعرُ بضيقٍ في صدرِها… ورغمَ إلحاحها الشّديد سافرتُ..حقيقةً ،لم تكنْ رحلة ذات قيمةٍ مهمّة. ولكن ،أردتُ الّلهوَ قليلاً، خاصّةً عندما عرفْت أنّ السّكرتيرةَ الحسناءَ ستذهبُ معنا..عدْتُ بعدَ أسبوعٍ، كلّمتني فيه مرّةً واحدة فقط، لتطمئنَّ على وصولي سالماً..أعلمُ أنّها غاضبةٌ منّي…ولكن لا بأس فبعضُ الحشراتِ كفيلةٌ بأن تحلّ الأمر..ولكنْ صُدمتُ بخبرِ إجهاضها.. وخسرنا أوّلَ مولودٍ كنّا سنُرزقُ به..حزِنتُ جدّاً ،شعرتُ بتأنيب الضّمير.. ظننتُها ستخاصمُني إلى الأبد.. لكنّها لم تلُمْني.! لم تقلْ شيئاً، ولا حتّى كلمة واحدة..ظلّت تتصرّفُ بعفويّة..عندما انزلتْ سكرتيرةُ الشّركةِ صوراً لنا سويّة خلال الرّحلة، ظننتُ أنّ الحربَ ستبدأ..! ولكنّ المفاجأة، هو تعليقُها الهادئ، بأنّني أبدو وسيماً في الصّوَر.. أمّا اليوم، فقد كان مختلفاً جدّاً، فبينما كنّا نتناولُ الطّعامَ، مرّ صرصورُ جارِنا، ركضتُ إلى النّافذةِ أغلقُها، قبل أن يلتمَّ الجيرانُ على صراخِها.. لكنّني وقفتُ مصدوماً في مكاني! زوجتي تطارِدُ الصّرصورَ بفردةِ حذائها وتقتلُه!. ولم تكتفِ بذلك، بل حملته ورمتْه، ثمّ غسلت يديها وعادت تكمل طعامَها وكأنّ شيئاً لم يكن..! في اليوم التّالي، عندما عدتُ من العمل، كانت قطّةُ الجيرانِ تصولُ وتجولُ في البيتِ على مرأى من زوجتي، دون أيّة ردّة فعل.. الآن أدركتُ ،أنّ زوجتي انطفأت.. تلك المرأة الّتي أمسكت بي متمنيّة ألّا أسافر.. قدِ اختفت منذ الّليلة الّتي وقعت بها ولم تجدني بجانبها كي أسعفها… فكان ابني هو قربان تجاهلي وجهلي.. عرفتُ الآنَ أنّني حتّى إن أحضرتُ أسداً لن تركضَ لحضني وتحتمي به.. فقد خذلْتُها.. ستتجاهله ،أو تركض خلفه بحذاء.. ولا أستغرب إن رمتْهُ بالرّصاص.. فقدتُ حقّي بالّلجوء إليّ من الّلحظة الّتي احتاجتني بها، ولم تجدني بجانبها.. لأنّني وبلا استحياء، كنتُ منشغلاً بأُخرى… هي انطفأت… وأنا اشتعلْتُ ندماً وحسرة.. وكلانا قد خسر..
