غبيٌّ ولكن مشهورٌ؟؟
تافهٌ .. ولكن لديهِ ملايينُ المتابعينَ ؟
” مستهبل” ولكنّهُ ضمنَ قائمةُ المشاهيرِ ؟؟!
ما الذي اوصلنا الى عصرِ التّفاهةِ ؟
ماذا ينتظرُنا بعد وإلى أينَ ستأخذُ بنا الهاوية ؟
لفتتني عبارةٌ كنديّةٌ تقولُ ” توقّف عن جعلِ الأغبياءِ مشهورينَ “
عبارةٌ تجعلُ المسؤوليّةُ على عاتقِ المشاهدِ
عبارةٌ تستوقفُ كل ذي عقلٍ فيلاحظُ _ إذا ما قامَ بجولةٍ على حساباتِ الأغلبيّة السّاحقةِ من المشاهيرِ الجدد على مواقعِ التواصل الاجتماعيِّ_ يلاحظُ أنّها جميعًا تصبُّ في خانةِ ” الاستهبال” ولا تحتوي أيّ هدف .
مختصرُ القولِ أنّها تعتمدُ على التفاهةِ حيثُ يقومُ صاحبُها بالقفزِ والرّقصِ والتعرّي والايحاءاتِ والكلامِ الذي لا يحتوي على هدفٍ او فائدةٍ ..
الأغربُ من ذلك هو عدد المتابعين والمؤيدين الذين يتخطّى عددهم الملايين ثم تكتملُ منظومةُ الفسادِ بالعروضِ التي تنهال على هؤلاء من عروض استضافةٍ في وسائلِ الاعلامِ والمهرجاناتِ الى عروضِ اعلاناتِ لبعضِ المنتجاتِ الأكثرِ شهرةٍ ..
ثم ماذا ؟
انهيارٌ أخلاقيٌّ ثقافةٌ سطحيّةٌ تنحدرُ يومًا بعد يومٍ
_ جيلٌ ضائعٌ بلا قيمٍ ولا هويّةٍ
من المسؤول ؟
كلّنا مسؤولٌ ، من افرادٍ ومؤسّساتٍ ومجتمعٍ
ما هي الأسبابُ؟
لعلّ السّبب الرئيسيَّ هو الفراغُ في زمن البحثِ عن اللا شيء
الفراغُ الذي طال الارواح ايضاً وليس فقط اوقاتنا على ارضِ الواقعِ
هذا الجيلُ الذي عايشَ العزلةَ بسبب الاوضاعِ الاقتصاديّةِ والصحيّةِ في البلادِ
يقعُ ضحيّة الفراغِ .. ولعلَّ أصعبَ انواعه بعد الفراغ الثقافيِّ
هو الفراغُ الروحيُّ
لكنَّ فراغَ الرّوحِ لا تملؤه الاشياءُ المزيّفةُ مهما حاولنا تزيينها لتبدو صادقةً
حبذا لو ان الاهل اشتركوا مع ابنائهم لصناعةِ محتوىً هادفٍ وبنّاءٍ كترسيخِ العلاقاتِ الجميلةِ والتعاونِ الأسريِّ وعدمِ الانجرارِ وراءَ المظاهرِ الخادعةِ..
ماذا لو أقمنا تحدّياتٍ علميّةِ فنوجّهُ اهتمامَ الشبابِّ الى صناعةِ محتوى يثبتُ جداراتهم ويلهمهم أهدافًا وتطلعاتٍ فكريّةٍ .
ماذا لو اهتممنا ودعمنا مواهبهم الفنيّة الغير الاستعراضيّة ودفعناها نحنو الاحترافِ والتّألّقِ بأسلوبٍ حضاريٍّ بعيدٍ عن الهزّ والتلوي ..
نحنُ أمامَ مشهدٍ مبكي لجيلٍ يهوي .. ويشهدُ انشطارَ اخرَ ذرّةٍ في الأخلاقِ..
جيلٌ لا يقوى على مقاومةِ صعوباتِ الحياةِ ..
جيلٌ هشٌّ ضعيفٌ أمامَ المغرياتِ ..
جيلُ لا توهّج في أفكاره ولا رادعَ في سلوكيّاته
هم في أيدينا كعودِ ثقابٍ لا نملكُ سواهُ ولكنّه قادرٌ على احداثِ انفجارٍ هائلٍ اذا ما لامسَتْ شعلتُهُ ديناميتَ الهاويَةِ _ إنّها مسألةُ وقتٍ فقط_
لم نعد،نستطيعُ الاختباءَ .. علينا النهوضُ من تحت ركامِ الكذبِ والسطحيّةِ التي نعيشُها والضياعُ_ كلّنا ضائعون _
ولكن لا بأس .. لنكن كذلك الكاتبِ الذي دوّن 100 صفحةٍ ثم أحرقها ،نعم احرقها، لأنّه اكتشفَ أنّ فيها إشاراتٍ تعيدهُ الى الوراءِ كورقةٍ صفراءَ ستعبثُ بها الرّياحُ كما تشاءُ ..
إذًا فلنجعل اوراقنا الصفراءَ كلّها رمادًا.. ونعيدُ احياءَ تلكَ الشجرةِ الغنيّةِ الخضراءَ المزهرةَ .. لنعيدَ،بها أمجادنا وحضارتنا ..
أبناؤنا كقاربٍ صغيرٍ في محيطٍ.. تدفعه تلك الامواجُ المتلاطمةُ .. فلنكن اذًا ذلك الشراعَ الذي يحميهِ من التحطمِ ..
هم مثل كلمةٍ صغيرةٍ في قاموسٍ .. فلنرتقي بها ونجعلُها عنوانَ كتابٍ مقدّسٍ ..
أمّا قبل .. كونوا أقوياءَ ليتعلّمَ أبناؤكم الكفاحَ
أمّا بعد .. كونوا صوتَ حقٍّ ليتعلّمَ أبناؤكم الصدقَ
فصناعةُ المحتوى .. كصناعةِ الرّوحِ .. لا تعبثوا بالفراغِ كي لا تنتجوا جيلًا تافهًا ..