الإنسانُ لا يختارُ جِنسيّتَهُ ولا طائفَتَهُ و لا حتَّى شَكلَهُ فالمَظهَرُ الخارجيُّ هو وِراثَةٌ مِن الأجدادِ فلا أحدَ يُمكِنُهُ أن يُحدِّدَ لونَهُ أبيضَ أم أسوَد، قامتَهُ طويلٌ أم قصير، فالعُنصريّةُ هي تحجيمٌ للعقلِ و هي لا تقتصِرُ على شخصٍ واحد، بل على مجموعةِ أشخاصٍ يتميزونَ بشيئٍ مُختلف.
العُنصُريّة هِي كُلّ شعورٍ بالتّفوّق إمّا في السلّوكِ أو السّياسةِ و تقومُ على التّمييزِ بينَ الناسِ على أساسِ الإنتماءِ القومِيّ أو العِرقي.
يترتَّبُ على مُمارسَةِ العُنصُريَّةِ عِدَّةُ آثارٍ نَفسيّةٍ تظهرُ على الشَّخصِ و تَصرُّفاتِه ،منها الإنطِواءُ و الإنعِزالُ عن العالمِ الخارِجيّ حيثُ يبدأُ الشّخصُ بتجنُّبِ كُلِّ اللِّقاءاتِ و المُناسباتِ .كَما تتسبَّبُ بزرعِ الحِقدِ و الكراهيَّة بينَ الطّرفينِ و جعلِ المُجتمعاتِ مفكّكةً كُلياً و تتسبَّبُ في خَلقِ أجواءٍ غيرِ مُريحةٍ. و مِن الجديرِ بالذِّكرِ أنَّ العُنصريّة كانَت سبَباً لعدّةِ حُروبٍ عِملاقةٍ على مرِّ العُصورِ و تسبّبت بانقسامِ عِدّةِ شُعوبٍ عَن بعضِها.
يا ابن آدم، لَقد خُلِقتَ مُختلِفاً فاجعل إختلافَكَ تميُّزاً ، مُسلِماً كُنتَ أو مَسيحِياً، كُنتَ أبيضاً أم أسمراً، فقط كُن أنتَ و لا تكُن هُم، دع ذاتَكَ تَسمو و عانِق عُنُق الحُلمِ .لا أحدَ كامِل، إن جئتَ لتُمثّلَ العُنصريّة فستجِدُها بكلِّ مخلوقٍ ، عِش يا ابنَ آدم حُراً فهِذهِ الأرضُ للجميعِ .إن كُنتَ أسودَ اللّونِ فأنتَ لَستَ عَبداً و إن كُنتَ أبيضاً فأنتَ لستَ ملِكاً و إن كُنتَ طويلاً أو قصيراً، فقيراً أم غنياً، فأنتَ إنسان.
ما أروعَ الإسلامَ عِندما قال {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقٰكُمْ} ،لِذلِكَ لا تنظُر إلى جِنسٍ و لا لِلَونٍ أو عِرقٍ إنَّما إلى التَّقوى ،فدَعونَا نتخلَّى عِن العُنصُريّة لنُربِّي أجيالاً جَديدَةً و نَخلُقَ لَهُم ثَقافَةً بلا سَخافَة.