طائرٌ دونَ جناح… بقلم أحمد قانصو

طائرٌ دونَ جناح… بقلم أحمد قانصو

حلِّقْ في سماءٍ لا تشبِهُ سَماءَنا سافرْ إلى مكانٍ بعيدٍ لا تذاكِرَ إليهِ ، رَكِبَ طائرَتَهُ الخاصَّةَ التي لا تحُطُّ في مطاراتِنا،حاولَ بعضُهُم الوصولَ إليهِ ولكنَّ جميعَ محاوَلاتِهم فشِلَتْ ، فمن سمحَ لهُ بالمُغادَرَةِ دونَ إذنِ المواطنينَ؟إنَّهُ الدّولارُ الذي تعالى على شعْبٍ فقدَ الأملَ بِغَدٍ أفضلَ .

رُؤساءٌ و سياسِيّونَ ساهَموا بقتلِ أبناءِ الوطنِ بسبَبِ جشَعِهِم و خوفِهِم على إختفاءِ الصَّفقاتِ من بينِ أيديهِم .بعدما كانَ الدّولارُ ساكِنًا في سعرٍ لا يتَعَدّى ال ١٥٠٠ ليرة لبنانِيَّة حُرِّضَ الشَّعبُ عليهِ و ثاروا حتى حلَّقَ في الجوِّ المشؤومِ إلى عشرةِ آلافِ ليرةٍ و بعدَ فترَةٍ من الزَّمنِ أغمضَ المواطنُ عينَهُ ليستيقِظَ على سعرِ صرفٍ تخطّى الثلاثينَ ألفَ ليرةٍ في ليلةٍ غابَ القمرُ من سماءِها .

طارَ و طارَتْ معهُ الأحلامُ و الأماني أسقَطَ على مُستقبَلِنا أطنانًا من الحجارةِ التي هدَمَتْ جيلًا كامِلًا كانَ على وشَكِ أن يُغيِّرَ القادِمَ و يزيدَ التَّطوُّرَ تطوُّرًا.لا أدري كيفَ أُطَبطِبُ على زملائي في الوَطنِ ، لا أدري كيفَ عليَّ أن أُواسي أُمًّا و أبًا خسِرا ولدَهُما الذي ترَعْرَعَ بحُضْنٍ دافئٍ و كَبُرَ بدُموعِ العينِ.كيفَ أسألُ أولادَ صديقي عن حالِهِم و هم خسِروا رُكْنَ الحياةِ في البيتِ وهو والِدُهُم ، فبسبَبِ هذا الحقيرِ يُتِّمتْ الأولادُ و رُمِّلَتْ بعضُ النِّساءِ ، ذنْبُ تلكَ الأُسودِ أنَّهُم ذهَبوا ليَبحَثوا عن عملٍ يُنتِجُ لهُم بعضَ النُّقودِ للعيشِ بعِزَّةٍ و كرامَةٍ.

نعم يا أيُّها الفاسِدونَ، قلوبُكُم تَنبُضُ بفسادٍ لا يُزيلُهُ ندَمٌ أو شُعورٌ بالمسؤوليَّةِ لأنَّكُم دونَ إحساسٍ و دونَ ضميرٍ، أصبَحتُم كالوحوشِ تفتَرِسونَ كلَّ ما يتعلَّقُ بغنيمَةِ المالِ التي لا علاقَةَ لكُم بِها .

أخيرًا لا يمكِنُ أن أَشمُلَ جميعَ القِوى بأنَّهُم مساهِمونَ فالبعضُ قاوَمَ و ساهَمَ في تأسيسِ الحُرِيَّةِ و اتَّبَعَ نهجًا و خطًّا مقدَّسًا،حاوَلَ و لكن فشِلَ بسببِ مؤامراتٍ دوليَّةٍ ..

لن أقولَ إلّا الموتُ الموتُ الموتُ لكلِّ من ساهَم في نزعِ شِراعِ الدّولارِ و تركَهُ يمشي أو بالأصحّ تركَهُ يركُضُ دونَ ختمِ المواطنِ.