تدقيق لغوي: مريانا نورا
إشراف: هادي نصار
حقيقةٌ أم وهمٌ؟
إِنّ تَتَفاجَأَ بِحَادِثٍ وَقَعَ أَمامكَ مُباشَرةً، أَو حَصَلَ مَعَكَ وَإِنّ كانَ على صَعَيدٍ إِيَجابي أَو سَلْبِي لَهُوَ أَمْرٌ عَادي تَمامًا، وَلَكِن مَاذا لَو كُنْتَ عَلَى سَابِقِ مَعْرِفَةٍ بِمَا سَيَحْدُثُ وَحَدَثَ بِالفِعْلِ! مَاذا سَيَحْصُلُ؟
المُتَعَارَفُ عَلَيه أَنَّ العَديدَ مِنَ الأَشْخَاصِ يَلْجَؤُونَ إِلَى أُنَاسٍ مُلِمِين بِالتَبصِير بِالفِنْجانِ أَو الكَفِ أَو الوَجْهِ، أَو بَعْضُ أَصْحَابِ الدِّينِ أَو مُدَعِيينَ الدّيِنِ لِفَتْحِ القُرآنِ وَمَعْرِفَةِ الطَّالِعِ وَخَبَايا الحَيَاةِ، وَلَكِنْ كَيْفَ يَعْرِفُون؟
تُعْرَفُ قِرَاءةُ فنجانِ القَهْوَةِ بإِسْمِ الـ”تَاسُيوغْرَافي”، وَلِهَذا الفَنّ جُذُورٌ قَدِيمَةٌ جِدًّا، وَهُو بَدَأَ فِي الصِّيِنِ بِقِرَاءَةِ أَوْرَاقِ الشَّاي، وَمَارَسَها حَتَّى رِجَالِ الدِّينِ، وَانْتَقَلَ إِلَى الشَّرْقِ الأَوْسَطِ، حَيْثُ حَلَّتِ القَهْوَةُ بَدَلَ الشَّاي. حَتّى أَنَّ البَعْضَ يَعْتَقِدُ بِأَنّ أَصْلَ قِرَاءَةِ الفُنْجَانِ يَرْجِعُ إِلى الأَتْرَاكِ، حَيْثُ كَانَت عَادَة تِرْكِية قَدِيِمَة يُمَارِسُونَها عِنْدَ المَعَابِدِ، فَحِيْنَ يَرْغَبُ أَحَد فِي مَعْرِفَةِ شَيءٍ عَنِ المُسْتَقْبَلِ، يَذْهَبُ إِلَى المَعْبَدِ، وَيَشْرَبُ فِنْجَانَ قَهْوَةٍ وَيَتْرِكَهُ لِلْبَابَا خَارِجَ المَعْبَدِ، وَيَدْخُلَ لِأَدَاءِ طُقُوسِه الدِّيْنيَّة، ويَخْرُجَ لِيَجِدَ البَابَا يُخْبِرُهُ بِمُسْتَقْبَلِهِ.
وَيُقَالُ إِنَّ قِرَاءَة الفِنْجَانِ تُمَكِّنُ “البَصَّارَة” أَو “الَبصَّار” مِنْ تَحْلِيلِ شَخْصِيَّةِ الّذي شَرَبَ الفِنْجَانِ وَتَنَبَىءَ عَنِ الأَحْدَاثِ الّتي تَدورُ فِي ذِهْنِهِ مِنْ نَاحِيَةِ المَاضِي وَالكَشْفِ عَن خَفَايا المُسْتَقْبَلِ مِن خِلِالِ تَفْسِيرِ الخُطُوطِ وَالرُّمُوزِ الّتِي يُشَكِّلُهَا الفِنْجَانُ المَقْلُوُبُ.
يَتِمُّ قَلْبُ الفِنْجَانِ بَعْدَ شُرْبِهِ عَلَى الصَّحْنِ، وَيُعَادُ إِلَى وَضْعِهِ العَادِي بَعْدَ حِيْنٍ، وَالآثَارُ وَالصُّورُ الّتِي تُشَكِلُها بَقِيَّةَ القَهْوَةِ كَالحُرُوفِ والأَرْقَامِ، وَالخُطُوطُ المُسْتَقِيمَةُ أَو المُتَمَوِجَةُ، أَو الأَشْكَالُ الّتِي تُشْبِهُ الحَيَواناتِ والطُّيوْرِ، تُفَسِّرُهَا قَارِئَةُ الفِنْجَانِ.
هُناكَ بَعْضُ التِّفْسِيْراتِ لِكُلِّ تَفْصِيلٍ فِي الفِنْجَانِ:
أَشْكَالُ فِنْجَانِ القَهْوَةِ أَحْدُ أَهَمِ الأُسُسِ الّتِي يَجِبُ مَعْرِفَتُها بِشَكْلٍ كَامِلٍ حَتّى يَتِمَ قِرَاءَةُ الفِنْجَانِ بِشَكلٍ صَحْيِحٍ، وَتَتَمَثَلُ هِذِهِ الأَشْكَالُ فِي اللَّوْنِ وَالخُطُوْطِ وَكَذَلِكَ أَقْسَامُ الفِنْجَانِ، وَفِيْمَا يَلِي سَوْفَ نَقُومُ بِتَوْضِيحِ كُلِّ حَالَةٍ عَلَى حِدَة.
أَلْوَانُ فِنْجَانِ القَهْوَةِ يُشِيرُ اللَّوْنُ الفاتِحُ فِي فُنْجَانِ القَهْوَةِ إِلَى الطِّيْبَةِ وَالنَّقَاءِ المَوْجُدانِ بِدَاخِلِ قَلْبِ الشَّخْصِ الِّذي يَتِمُ قِرَاءَةُ الفِنْجَانِ الخَاصِ بِهِ.
اللَّوْنُ العَادِي يُشِيرُ إِلَى الحَياةِ الهَادِئَةِ وَالمُسْتَقِرَةِ الّتِي يَنْعَمُ بِها الشَّخْصِ.
بَيْنَمَا يُشِيرُ اللَّوْنُ الغَامِقُ إِلَى وُجُودِ بَعْضِ الأَحْزانِ وَالمَتَاعِبِ فِي حَياةِ الشَّخْصِ.
دَلَالَاتُ الأَقْسَامِ الخَاصَّةِ بِالفِنْجَانِ بِالطَّبْعِ تَنْقَسِمُ قِرَاءَةُ الفِنْجَانِ لِعِدَةَ أَقْسَامٍ وَلِكُلِّ قُسْمٍ الدَّلالَةٌ الخَاصَّةٌ بِهِ وَالَّتِي تُشِيرُ إِلَى شَيْءٍ مُحَدَدٍ مِثْلَ:
قَعْرُ الفِنْجَانِ هُوَ دَلالَةٌ عَلَى مَكَانٍ خَاصٍ بِهَذا الشَّخْصِ سَوَاءَ كَانَ مَنْزِلاً، أَوْ مَكَانُ العَمَلِ وَالإِقَامَةُ.
جَانِبُ الفِنْجَانِ يُشِيرُ إِلَى الحَياةِ الاجتِمَاعِيَّةِ الَّتِي تُحِيْطُ بِالشَّخْصِ.
حَلَقَةُ الفِنْجَانِ بِهَا دَلَالَاتٌ عَلَى تَوْقِيتِ الأَحْدَاثِ الخَاصَّةِ بِهِ.
المَعَانِي الَّتِي تُشِيرُ إِلَيْهَا خُطُوْطُ فِنْجَانِ القَهْوَةِ هُنَاكَ العَدِيدُ مِنَ الخُطُوطِ الِّتِي تَظْهَرُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الفِنْجَانِ وَالَّتِي يُشِيْرُ كُلُّ خَطٍ مِنْهَا لِمَجْمُوعَةٍ مِنَ المَعَانِي وَالدَلَالَات فَمَثَلًا:
تُشِيْرُ الخُطُوْطُ الثُّعْبَانِيَّةُ إِلَى اليَأْسِ وَالإِحْبَاطِ الِّذِي يَكُونُ فِي حَيَاةِ الإِنْسَانِ. بَيْنَمَا تُشِيْرُ الخُطُوْطُ مُتَنَوِعَةُ المَلَامِحِ إِلَى الحَيَاةِ الِّتِي تُحِيْطُ بِالشَّخْصِ. الحِيْرَةُ العُشْبِيَّةُ لَهَا دَلَالَةٌ عَلَى الحِيْرَةِ وَالتَّرَدّدِ الِّتِي يَقَعُ بِهَا الشَّخْصُ بِشَكْلٍ مُسْتَمْرٍ. بَيْنَمَا تَعْنِي الخُطُوْطُ المُسْتَقِيَة التَّخْطِيطِ الدَّقِيقِ لِلْحَياةِ وَرَاحَةِ البَالِ لِلْشَخْصِ. فِي حِالِةِ رُؤْيَةِ بَعْضِ الخُطُوْطِ مُنْحِيِةِ المَسارِ فَهَذَا يُشِيرُ إِلَى وُجُودِ بَعْضِ المَشَاكِلِ وَالصُّعُوباتِ الّتِي تُوَاجِه الشَّخْصَ.
الطَّرِيقَةُ الأَدَقُ وَالصّحِيْحَةُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الفِنْجَان:
بِالطّبْعِ قِرَاءَةُ الفِنْجَانِ وَطَرِيْقَتَهُ مُهِمَّةٌ جِدًا لِكُلِّ شَخْصٍ يَرْغَبُ فِي تَعَلُّمِ الطَّرِيقَةِ الصَّحِيحَةِ حَيْثُ أَنَّ الأَمْرَ يَحْدُثُ بِطَرِيقَةٍ مُحَدَدَّةٍ حَتَّى يَتَمَكَنَ مِن يَقُومُ بِالقِرِاءِةِ بِالفِهْمِ الصَّحِيحِ، وَمِنْ أَبْرَزِ خُطُواتِ القِرِاءَةِ:
فِي البِدِايَةِ يَتِمُ الإِمْسَاكُ بِالفِنْجَانِ بإِحْكَامٍ وَثَبَاتٍ، وَتَكُونُ القِرَاءَةُ مِنَ اليَدِ اليُمْنَى لَلْفِنْجَانِ. بَعْدَ الانْتِهَاءِ مِنْ قِرَاءَةِ وَفَكِّ الخُطُوطِ وَالرُّمُوزِ المَوْجُودَةِ فِي اتِّجَاه اليَدِ اليُمْنَى يَتِمُ لَفُّ الفِنْجَانِ عَكْسَ عَقَارِبِ السَّاعَةِ. وَهُنَاكَ بَعْضُ الرُّمُوزُ المَعْرُوفُ دَلَالَتَها بِشَكْلٍ وَاضِحٍ مِثْلَ رَمْزِ الخَاتَمِ وَالِّذِي يُشِيْرُ إِلَى زَوَاجِ صَاحِبِ الفِنْجَانِ، بَيْنَمَا تُعَبِّرُ الشَّجَرَةُ عَلَى النَّجَاحِ الِّذي يَنْتَظِرُ الشَّخْصَ، وَفِي حَالَةِ ظُهُورِ أَرْقَامٍ فَهَذَا إِشَارَةٌ إِلى مَالٍ وَخَيْرٍ يَنْتَظِرانِ الإِنْسَان.
وَأَخِيْرًا رُغْمَ كُلِّ هَذِهِ الخَصَائِصِ إلَّا أَنَّهُ لا يَعْلَمُ بِالغَيْبِ إِلًّا الله، يَجِبُ دَائِمًا أَنْ لا نَنْسَى هَذا الشَّيء، وَأَنَّ الله عَزَ وَجَلَ يُغَيِّرُ الأَقْدَارَ وَيَرْسِمُ لَكَ طَرِيقَ حَيَاتِكَ، فَلَيْسَ عَلَيْكَ أَنّ تَعْتَبِرَ قِرَاءَةَ الفِنْجَانِ وَغَيْرَهَا هِيَ أَسَاسٌ تَعِيْشُ مِنْ خِلَالِهِ وَتَبْنِيَ حَيَاتَكَ عليهِ.