” بُكرا بسْ تصيري بِبَيتْ زَوْجِك رَتبي البَيتْ متِل ما بدِّك”، ” بكرا بس تتزوجي بتفهمي يلي عم نقولوا”، ” بكرا بسْ تصيري عنْده بتصيري ما ابتِسترجي تقولي لأ”، ” بكرا بس تتزوجي بصير عندك بيت لحالك”…هكذا قالَت إحدهُنَّ عندَما سُئلَتْ ما رأيُكِ بالزَّواجِ او مفهومُكِ عنهُ؟
فقالَت :” الحُريَّةُ”
هل تُعتَبرُ الحُريَّةُ او تحديدًا حُريَّةُ المَرأةِ مُتعلِّقَة بالزَّواجِ أي بإرتِباطِها برجُلٍ؟في العديدِ من المُجتمعاتِ العَربِيَّةِ يَعتَمِدونَ على هذا التَّفكيرِ،و أنّ التِزامَ المرأةِ للرَّجُلِ مُقتصِرٌ فقَط على الزَّواجِ أي أنَّها لن تحصُلَ على أيِّ حقٍّ أو أيِّ حُريَّةٍ إلّا إذا سَمحَ لها الرَّجلُ بِهذا.عندَما تُخلقُ الفتاةُ يرتَبطُ اسمُها مباشرةً برجُلٍ و يُقالُ:” انشاالله بتزينوها بعريس!” فهَلِ الجَمالُ لا يكتَمِلُ إلّا بهِ؟!تَتَخرَّجُ من الجامعَةِ و تحصلُ على شَهاداتٍ عُليَةٍ و مع ذلكَ تَسمعُ :
” عقبال الفرحة الكبيرة!”، فما هي إذاً الفرحَةُ الكبيرةُ بنظرِ هذا المُجتمعِ؟ مهما بلغَتْ من فِهمٍ، و معرفَةٍ و ثَقافةٍ و تَعليمٍ فهي لا تَزالُ مُقيَّدَة! فهي إن كانَتْ جاهلَةً و لم تتزوَّجْ بَعْد يقولونَ ” لما لم تتزوجْ بعد؟!” و إن كانَتْ مُتعلِّمَة و مُثقَّفة يقولونَ:” حرام، ألم تَلقى نصيبَها بعد؟! ”
المشكلةُ الكامِنَةُ هُنا هي تَدنّي مُستوى الفِكرِ المُتعلِّقِ بالثَّقافَةِ المتوارَثَةِ من جيلٍ إلى جيلٍ، أي أنَّ زرعَ هذا المفهومِ عندَ المرأةِ منذُ الصِّغرِ يُسبِّبُ لها حالاتٍ نفسيَّةٍ في الكِبَرِ في حالِ لم تَتزوَّجْ أي ستُصبِحُ كلِمةُ” عانس” كلِمَةَ خوفٍ و ذُعرٍ لها و سيُصبحُ لديْها هاجِسُ العُمرِ!أوَدُّ أنْ أُلفِتَ النَّظرَ إلى الخَلطِ بينَ العُنوسَةِ لدى الفتَياتِ والعُزوبِيَّةِ لدى الفِتيانِ، ففي التَّعريفِ اللُّغوِيِّ: عَنِسَتْ البِنتُ: أيْ بَقِيَتْ طَويلًا بعدَ بُلوغِها دونَ زَواجٍ، فهي عانِسٌ أمّا الشّابُّ الّذي لَمْ يَتزَوَّجْ فيُطلَقُ عليهِ “أعزبٌ” أو “عازِب”.فإنَّ هذا الخَلطَ بينَ العُنوسَةِ والعُزوبيَّةِ يُؤدّي إلى خلطٍ في الإحصاءاتِ والأرقامِ المُعلنَةِ.
ولا يوجَدُ سنٌّ مُحدَّدٌ نستَطيعُ فيهِ أن نَصفَ الفتاةَ بأنَّها أصبَحَتْ عانِسًا، فهذا يختلِفُ من مُجتمَعٍ لآخَرَ ومن ثقافَةٍ لأُخرى، ولكن هناكَ شِبهُ اتِّفاقٍ على أنّ بلوغَ الفتاةِ سِنَّ الخامِسَةِ والثّلاثينَ سَنَةٍ يعني دُخولها المُؤكَّد في مرحلَةِ العُنوسَةِ، والبعضُ يُسمّيها مَرحلَةُ العُنوسَةِ الدّائِمَةِ، وهذا لا يَعني أنّ الفتاةَ لن تَتزوَّجَ مُطلَقًا بعدَ هذا السِّنِّ فالواقِعُ لا يُؤيِّدُ ذلك، ولكنَّهُ يعني أنَّ احتمالاتِ عدمِ زواجِها هي الأغلَبُ.
وكثيرٌ من الفتياتِ يرفُضنَ لفظَ كلمَةِ عانِسٍ لما لهُ من ظِلالٍ كئيبَةٍ ومعانٍ ثقيلَةٍ ولما يحمِلُهُ من وصمَةٍ اجتماعيَّةٍ ونفسِيَّةٍ للفتاةِ، وبعضُهُنَّ يؤكِّدنَ على أنّ في هذه التَّسميَةِ جورًا على حُرِّيَةِ الفتاةِ فإمّا أن تَتزوَّجَ أو تعيشَ بِلا قُيودٍ.لا يمكنُ أن ننسى طبعاً أنّ للرَّجُلِ دورًا اساسِيًّا،طبعاً،في حياةِ المرأةِ و أنّهم يُكمِّلونَ بعضَهُم البعضَ، و لكن زرعُ الفِكرةِ عندَ المرأةِ و عدمُ القُدرَةِ على إيصالِها إليْها لهو أمرٌ يُشوِّهُها نفسيًّا.
فمتى سيُبَدِّلُ المجتمَعُ هذا المَفهومَ و يَكُفَّ عن زرعِ أفكارٍ تُحطِّمُ المرأةَ؟