لا يزال الشاب اللبناني يترقب بفارغ الصبر تحسن الأوضاع وانفراج الأزمات التي أرهقت البلاد، خاصة بعد انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة.
تمثل هذه اللحظة بالنسبة له نقطة تحول، حيث يشعر بأن لبنان بدأ يعود إلى الحياة بعد سنوات من الجمود والشلل الذي أصاب مؤسسات الدولة، وكأن الزمن قد توقف بسبب الأزمات المتتالية التي مرّت بها البلاد.
وفي ظل هذا التفاؤل بتحسن الأوضاع، يطمح الشاب إلى تأمين استقراره الشخصي، ويبحث عن فرصة لامتلاك شقة خاصة به بعيدًا عن عبء الإيجارات.
ومنذعام 2019، يعاني من صعوبة في تحقيق هذا الهدف بسبب توقف القروض المصرفية والأزمة الاقتصادية التي طالت البلاد.
- فما هو وضع سوق الشقق اليوم؟
- وكيف تبدو قروض مصرف الإسكان في الوقتالحالي؟
- وهل سيكون بمقدور الشاب اللبناني الحصول على “شقة الأحلام” في ظل هذه التحديات؟
الخبير العقاري جوزيف فرح يشرح في حديث عن تطورات السوق العقاري في لبنان، قائلاً:
- “بعد الأزمة في عام 2019، اعتمد العديد من الأشخاص على الدولار والشيكات المصرفية لشراء الشقق، لأن الناس كانت تبحث عن وسيلة لإخراج أموالها من البنوك بعد فرض القيود على السحوبات، فبدأت عمليات الدفع تتم عبر الشيكات البنكية”.
- في عام 2023، انتقلنا إلى ما يُسمى بـ”اقتصاد النقد”، حيث أصبح الدفع يتم بالفريش دولار.
- شهدت أسعار العقارات التجارية انخفاضًا تراوح بين 20 إلى 30% في المناطق الحساسة مثل بيروت وضواحيها، بينما انخفضت في المناطق البعيدة بنسبة تصل إلى 50%. أما أسعار الشقق، فقد تراجعت بنسبة تقارب 50%.
- وفي عام 2024، شهدنا تحسناً طفيفًا في السوق، حيث أصبح البائعون أقل استعدادًا لقبول تخفيضات كبيرة في الأسعار، وتمسكوا بأسعار أعلى مما كان متوقعًا.”
وفي ما يتعلق بالقروض المصرفية التي أعلن عنها مصرف الإسكان، يرى فرح أن هذه الخطوة لن تُحدث تغييرًا جوهريًا في السوق العقاري. ويقول:
“مبلغ الـ 50 ألفدولار الذي يقدمه مصرف الإسكان لا يكفي لإحد الفارق كبير، خاصة وأنه من بين 20 ألف طلب تم تقديمه للحصول على القرض، تم قبول 1200 طلب فقط، وهو عدد قليل جدًا.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا المبلغ لن يساعد المقترض في شراء شقة، مما يعني أن الشقق لن تُباع، ولن يستفيد طالب القرض من هذه المبادرة، فضلاً عن الشروط التعجيزية التي يتم فرضها”.
ويشدد على أن “المطورين العقاريين لن ينتظروا موافقة مصرف الإسكان لإعطاء القروض للمقترضين من أجل بيع الشقق”.
بدوره، يشرح المدير العام لمصرف الإسكان، أنطوان حبيب، وضع قروض الإسكان، قائلاً:
- “الصندوق العربي منح لبنان مبلغ165 مليون دولار أميركي في عام 2024، ومنذ شهر أيلول، بدأنا في استقبال طلبات القروض منه”.
- “أما بالنسبة للشروط المطلوبة للحصول على القرض، فهي غير “تعجيزية”، وتتمثل في أن يكون المتقدم لبناني الجنسية، وأن تكون مساحة الشقة أقل من 150 متر مربع، وألا يكون قد استفاد من أي قرض مدعوم سابقًا، وألا يمتلك أملاكًا في كل الأراضي اللبنانية”.
وفي ما يتعلق بعدد الطلبات المقبولة، يوضح حبيب أن السّبب في العدد القليل هو أن “الدوائر العقارية لا تقدم المستندات اللازمة التي تثبت صحة أقوال المقترضين”، موجهًا نداء عاجلاً لحل هذه المشكلة لتسهيل عملية تقديم الطلبات والموافقة عليها.
وعن الخطط التي يعمل عليها المصرف في أعقاب الدعم القطري للبنان، شرح حبيب قائلاً:
- “صندوق قطر سيقدم الدعم للبنان بمبلغ 50 مليون دولار سنويًا لمدة 6 سنوات، أي ما يعادل 300 مليون دولار في المجموع. وبالتالي، سيتم العمل على رفع سقف القرض الفردي إلى 100 ألف دولار، مع تمديد فترة السداد إلى 20 سنة بفائدة مدعومة، وذلك بهدف مساعدة ذوي الدخل المحدود والمتوسط وأصحاب الحالات الخاصة. وسيزور لبنان وفد قطري قريبًا لدراسة الوضع بشكل عملي، وقد وصلنا الطلب الرسمي الذي سيتم تقديمه لصندوق قطر للتنمية، وسنقوم بإرساله إلى الصندوق لدراسته”.
في الختام، يواجه الشاب اللبناني تحديات كبيرة تتمثل في ارتفاع أسعار الشقق وإصرار البائعين على التمسك بها، إلى جانب قروض مصرف الإسكان المحدودة التي لا تسمح له بتحقيق حلم امتلاك شقة بسبب قيمتها المنخفضة. كما يعاني من تعقيدات إضافية تتمثل في عدم توفير الدوائر العقارية للمستندات المطلوبة لتقديم طلبات القروض.
اليوم، يضع الشاب اللبناني آماله على الدعم القطري المنتظر الذي قد يسهم في رفع قيمة القروض إلى 100 ألف دولار. فهل سيكون هذا الدعم هو المفتاح لحل الأزمة وتحقيق الانفراج في لبنان؟